إصلاحها وتزيينها لم يمنعا اللصوص والمتشردين من الاستقرار بها “المزوق من برا آش خبارك من الداخل”، مثل يصلح إسقاطه على حديقة عين السبع التي أصبحت مرتعا للمنحرفين والمتشردين، وعدد من الجانحين الذين يتخذون المكان فضاء للتربص بضحاياهم من المارة. ويكفي القيام بجولة سريعة بجنبات الحديقة بالبيضاء، للوقوف على مشاهد الفوضى التي حولت فضاء أخضر إلى خلاء، تنعدم فيه شروط السلامة الصحية والأمنية. زائر حديقة عين السبع التي تحيط بها عدد من المرافق المهمة، من بينها المحكمة الابتدائية الزجرية وعمالة مقاطعات الحي المحمدي عين السبع، ومقاطعة عين السبع، قد يتهيأ له في الوهلة الأولى أنه وسط فضاء للاستمتاع بالطبيعة، لكن سرعان ما يفضح التوغل داخلها معالم تفريخ الجريمة بجميع أصنافها. الليل وعالم الجريمة ما أن يرخي الليل سدوله، حتى تتحول الحديقة إلى فضاء موحش، إذ تكفي زيارتها للتأكد من صورة البؤس التي تعيش فيها المنطقة، إذ تحولت إلى مراحيض ومكان للقمامات، ومخلفات أكل المرتفقين، وهو ما جعل الروائح النتنة تزكم أنوف روادها الذين وجدوا أنفسهم محاصرين بمجموعة من المنحرفين والفوضويين الذين لا يعترفون بقيمة العيش المشترك والمحافظة على الفضاءات الخضراء التي لا تقدر بثمن. وبمجرد ولوجك الحديقة التي تحيط بعدد من المرافق الحيوية، ستصاب بالدهشة من هول الصدمة، كيف لا وصورة شباب ومراهقين يجتمعون على شكل مجموعات متفرقة، وهم منهمكون في استهلاك أنواع مختلفة من المخدرات، من بينها تقاسم تدخين “الحشيش” وتناول المعجون واستعمال “الكالة”. تجمعات فوضوية هي ساعات طويلة يقضيها أهالي المتهمين وكذا مرتفقو المصالح الإدارية بالحديقة أو جنباتها، بدءا من انتظار موعد عرض ملفات أقاربهم أو وقت قضاء أغراضهم التي جاؤوا من أجلها. من السلوكات التي أضرت بالحديقة، إصرار بعض عائلات المعتقلين على إلقاء النظرة عليهم وهم داخل سيارات النجدة التي تقلهم سواء عند الدخول أو الخروج من قبو المحكمة الابتدائية الزجرية لعين السبع، وهي السلوكات التي تثير غضب رجال الأمن المكلفين بالحراسة، إذ يبدؤون في طرد العائلات التي تخرق القانون بالتجمع أمام البوابة الرئيسية، الأمر الذي يجعل آخرين يهرعون إلى الحديقة التي تحولت من تنفس للمرتفقين وسكان المنطقة إلى فضاء يهدد سلامتهم بعد اختلاط الحابل بالنابل وصارت ملجأ للمشتبه فيهم الذين يتربصون برواد الفضاء الطبيعي. وكالة دون بواب ساهم غياب حراس للحديقة الجديدة في تحولها إلى مرتع للمنحرفين والباحثين عن اقتناص لحظات من ممارسة الفساد واستهلاك المخدرات وغيرها من السلوكات المشبوهة، باعتبارها وكالة دون بواب. وليس هذا فحسب، إذ يعاني سكان الحي والمارة المتوجهون أو العائدون من المحكمة الابتدائية الزجرية أو مختلف الإدارات المحيطة بالحديقة، بسبب التعرض لتحرشات جنسية يومية، وهي السلوكات التي تنتهي بحوادث تبادل الضرب والجرح بعد احتجاج المُتحرش بها وإشعار أقاربها الذين لا يتقبلون ما يحصل لها، إضافة إلى اعتداءات السرقة، وتجمع المنحرفين الذي يهدد الناشئة بإغرائهم بالمخدرات وتلقينهم دروس البلية عوض استفادتهم من دور الشباب وملاعب القرب. السلطات…موقف المتفرج رغم مظاهر الفوضى التي تسيطر على الحديقة التي تحولت إلى فضاء عشوائي، فإن السلطات بالمنطقة تقف موقف المتفرج دون أن تحرك ساكنا وكأن الأمر لا يعنيها، وهو ما يجعل من الروائح النتنة منتشرة في كل جانب، بسبب أشخاص يقضون حوائجهم البيولوجية خلف الأشجار في غياب مراحيض، إضافة إلى الأزبال التي يخلفها رواد المنتزه، سواء الباحثون عن تزجية الوقت رفقة أصدقائهم أو المنتظرون لعائلات المعتقلين. وتساءل عدد من السكان المجاورين للحديقة، عن سر صمت المنتخبين والسلطات إزاء مظاهر الفوضى التي حولت فرحة تهيئة الفضاء الأخضر وتجديده وجعله فرصة للترويح عن النفس لفائدة الأسر والأطفال ورواد المحاكم، إلى كابوس يقض مضجع سكان الحي والمارة الذين يتخوفون من تهديدات منحرفين وبعض المشتبه فيهم من القادمين لمؤازرة المتهمين المتابعين في حالة اعتقال. دوريات أمنية طالب عدد من المستجوبين الذين التقتهم “الصباح”، بضرورة تكثيف الدوريات الأمنية لتفقد الوضع بالحديقة وكذا محيطها الذي يبعث على الخوف والقلق ويجعل المارة يضعون أيديهم على قلوبهم وكأنهم سيجتازون الصراط المستقيم، كيف لا والشخص مهدد في أي لحظة بعصابات اللصوص أو المنحرفين الباحثين عن ضحية لإشباع نزواتهم الجنسية. والتمس مواطنون من السلطات تمشيط الحديقة ومحيطها المعروف بظلامه الدامس الذي يعتبر مرتعا لتجمع محتسي الخمر ومستهلكي المخدرات، وهو ما يجعلهم مستهدفين من قبل عصابات اللصوص التي تستغل الظلام وانقطاع الحركة للتربص بالضحايا. محمد بها