تطلّ الذكرى المئوية على وجود لبنان في حدوده الحالية، وهو يرزح تحت نظام الزعماء الذي دمّر الدولة وأفقر الشعب وأوصل البلاد، بعد جريمة انفجار مرفأ بيروت، إلى الانهيار على المستويات كافّة. ولا شك في أنّ هذا الوضع الكارثي لم يحجب الصراع الدائم والمستمر على تاريخ لبنان. فالسيطرة على الماضي، هي طريقة من أجل الهيمنة على الحاضر. ومن يتحكّم بكيفية فهم التاريخ في الحاضر، يتمكّن تباعاً من السيطرة على المستقبل. لذلك، لم يكن من المستغرب أن ينعكس الانقسام على هوية لبنان وموقعه، على النظرة إلى تاريخ لبنان، كون الهدف لم يكن أبداً التأريخ العلمي، بل التأريخ السياسي الذي يسعى إلى خدمة مشاريع أيديولوجيّة متصارعة.ومن بين هذه الأيديولوجيات، سردية تعرّضت للنقد الشديد لا بل إلى السخرية، وهي لم تعد تهيمن على الفضاء الفكري إلّا عرضاً، وهي تتعلّق باستقلال لبنان ووجوده الدائم الذي أرجعه البعض إلى زمن الفينيقيين أو إلى نظام الإمارة الإقطاعي، الذي أنشأ خصوصية لبنانية وهوية حضارية متميّزة. ولا شك في أنّ هذا الكلام، فيه من التبسيط ما هو ضروري في كلّ طرح أيديولوجي لا يبحث إلّا عن الوقائع التي تناسبه وتنفعه في مش