للحكومة الأميركية تاريخ طويل من التدخّلات التفصيلية في شؤون لبنان. لكن سيُقال إنّ لدول أخرى تدخلاتٍ في شؤون لبنان، وهذا صحيح. كان السفير المصري في لبنان في عهد عبد الناصر، يتمتّع بنفوذ كبير غير أنّ الحكومة المصريّة لم تكن تشتري نفوذها بالمال والتهديد، كما تفعل أميركا اليوم: كانت الجماهير تتبع، عفويّاً، السياسات الناصريّة، وكان المرشّحون لللانتخابات النيابيّة وحتى البلدية (وفي مناطق مختلفة من لبنان)، ينفقون المال على ملصقات ولافتات تحمل صور واسم عبد الناصر. وكان نوّاب بيروت يتسابقون لزيارة القاهرة قبيل الانتخابات النيابيّة، كي ينشروا صوراً طازجة لهم مع عبد الناصر (كانت السفارة المصريّة تقدّم معونات من الورق لبعض الصحف الموالية للسياسة المصريّة، لكن هذا نذر يسير ممّا كانت سفارات دول الغرب والخليج العربي وإيران الشاهنشاهية تنفقه في الدعاية آنذاك). أما النظام السوري، فقد حصل على نفوذٍ هائل له في لبنان من خلال فرض سيطرته العسكريّة والمخابراتيّة بعد عام ١٩٧٦، وتدخّل جيشه. الفارق بين النفوذ الأميركي ونفوذ دول أخرى، أنّ النفوذ الأميركي كان ثابتاً منذ الحرب العالميّة الثانيّة. لم يصعد أو يهبط م